ولفظ الكرم جامع للمحاسن والمحامد، ولهذا قال النبي ﷺ فيما أخرجه الإمام البخاري: ويقولون الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن، قال ابن حجر في الفتح (١٠/٥٦٦) وإنما المعنى أن الأحق باسم الكرم قلب المؤمن.
قال ابن تيمية: وهم سموا العنب "الكرم" لأنه أنفع الفواكه - يؤكل رطباً ويابساً، ويعصر فيتخذ منه أنواع، وهو أعم وجودا من النخل - يوجد في عامة البلاد، والنخل لا يكون إلا في البلاد الحارة ولهذا قال في رزق الإنسان في سورة عبس (فَلْيَنْظُرْ الإنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ(٢٤)أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا(٢٥)ثُمَّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقًّا(٢٦)فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا(٢٧)وَعِنَبًا وَقَضْبًا(٢٨)وَزَيْتُونًا وَنَخْلا(٢٩)وَحَدَائِقَ غُلْبًا(٣٠)وَفَاكِهَةً وَأَبًّا(٣١)مَتَاعًا لَكُمْ ولأنعامِكُمْ(٣٢). فقدم العنب.
ومع هذا نهى النبي ﷺ عن تسميته بالكرم فقد أخرج الإمام البخاري ومسلم : لا تسموا العنب الكرم، وفي رواية مسلم وأحمد:" لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم".
قال ابن القيم - رحمه الله -: هذا الحديث من حجج فضل العنب لأنهم كانوا يسمونه شجرة "الكرم" لكثرة منافعه وخيره، فأخبرهم النبي ﷺ أن قلب المؤمن أحق بأن يسمى كرماً من شجر العنب لكثرة ما أودع الله فيه من الخير والبركة. ولم يرد ابطال ما في شجر العنب من المنافع والفوائد وأن تسميته "كرما" كذب.
وهذا كما قيل في صفة المؤمن: أنه رزق حلاوة ومهابة.
وأنه عز وجل يعلّم
وقد وصف الله تعالى نفسه أنه يعلم فقال: (عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) فمن كرمه عز وجل أنه علم الإنسان أنواع العلوم. قال الشيخ السعدي: علمه القرآن وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلاً للناس تنوب مناب خطابهم.