وفي قوله تعالى: ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) توجيه مع التهديد الضمني، ثم قال زاجراً مهددا مع الإبانة (كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) والسفع الأخذ بعنف، أو الجذب بشدة، والناصية: الجبهة - شعر مقدم الرأس.
لقد ذكر الله تعالى الناصية وهي مقدم الرأس لأنها أشد نكارة على صاحبها ونكالاً به، إذ الصدق يرفع الرأس، والكذب ينكسه ذلة وخزياً، وأعلى ما ينهض به المكذب الطاغي المتكبر ناصيته، وهي ناصية كاذبة خاطئة تستحق السفع.
ولما كان هذا هو غاية الإهانة، وكان الكفار إنما يقصدون بإعراضهم الشماخة والأنفة والعز عن أن يكونوا أتباعاً أذناباً، وإنما عزهم بقومهم، وأقرب ما يعتز به الإنسان ناديه، قال تعالى: (فليدع) أي دعاء استغاثه (ناديه) وقد قرر الله تعالى بأبي جهل عاقبة من سار بدربه، ودفع غيره لأن يتصور نتائج معركة المصير بقوله: (سندع الزبانية) قال ابن كثير: وهم ملائكة العذاب حتى يعلم من يغلب أحزبنا أو حزبه؟ قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله، أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح. وفي رواية أخرجها الإمام البخاري والترمذي، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: لو فعل لأخذته الملائكة عياناً.
علاقة السورة بما قبلها وما بعدها في ترتيب المصحف


الصفحة التالية
Icon