وفي رواية: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ ـ يَعْنِي اللَّبَنَ ـ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي ـ أَوْ فِي أَظْفَارِي ـ ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ قَالَ الْعِلْمَ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: وكون محمد ﷺ كان نبياً أمياً هو من تمام كون ما أتى به معجزاً خارقاً للعادة، ومن تمام بيان أن تعليمه أعظم من كل تعليم، كما قال تعالى في سورة العنكبوت: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ(٤٨)
فضل العلم والعلماء
قال ابن أبي جمرة فيما نقله ابن حجر في الفتح (١٢/٣٩٤): وفيه أن علم النبي ﷺ بالله لا يبلغ أحد درجته فيه، لأنه شرب حتى رأى الرِّيَّ يخرج من أطرافه، وأما إعطاؤه فضله عمر ففيه إشارة إلى ما حصل لعمر من العلم بالله بحيث كان لا يأخذه في الله لومة لائم.
وقال: وفيه أن من الرؤيا ما يدل على الماضي والحال والمستقبل، قال: وهذه أولت على الماضي، فإن رؤياه هذه تمثيل بأمر قد وقع، لأن الذي أعطيه من العلم كان قد حصل له، وكذلك أعطيه عمر، فكانت فائدة هذه الرؤيا تعريف قدر النسبة بين ما أعطيه من العلم وما أعطيه عمر. أ. هـ
إن هذا الحديث يبين فضل العلم والعلماء، وذلك بتشبيه العلم باللبن، وأن من أخذ العلم فكأنما هو يشرب اللبن وذلك لكونهما مشتركين في كثرة النفع بهما، وفي أنهما سببا الصلاح، فاللبن غذاء الأبدان، والعلم غذاء العقول وسبب الصلاح في الدنيا والآخرة(١).
وأيضا مما يبين فضل العلم والعلماء ( أن فضلة رسول الله ﷺ فضيلة وشرف، وقد فسرها بالعلم، فدل على فضيلة العلم والعلماء)(٢)، وذلك لأن الآخذ منه آخذ من فضلة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
العلم أهم ركائز التوحيد


الصفحة التالية
Icon