ينبغي أن يعلم أن تحقيق التوحيد يستحيل أن يتم كله أو شيء منه إلا بالعلم. لأن العبادة، أية عبادة لا تصح إلا باجتماع شرطين:
الأول: إخلاص النية فيها لله عز وجل، بحيث لا يقصد بها إلا وجهه سبحانه.
الثاني: متابعة الشرع فيها وفق ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة أو نقصان. وهذا لا يتم إلا من ذي علم.
وهكذا فإن العمل إذا كان خالصاً، ولم يكن صواباً لم يقبل. وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل. فلا يقبل حتى يكون خالصاً وصواباً. والخالص أن يكون لله تعالى، والصواب أن يكون على السنة.
إن الإخلاص وإن كان أساس كل شيء، إلا أنه ليس كل شيء. إذ لا بد أن يضاف إليه العلم، وإلا انعكس سير العبد إلى الخلف أو ظل مكانه.
وقد قال العلماء:( الطرق مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم). وقال الإمام أحمد بن حنبل: ( الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب. لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه).
قال تعالى في سورة يوسف: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(١٠٨). فقوله تعالى: (عَلَى بَصِيرَةٍ ): أي على علم ويقين. لا على التقليد الدال على الغباوة والجمود.(أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي ): قال ابن كثير - رحمه الله -: وكل من اتبعه ﷺ يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله ﷺ على بصيرة، ويقين، وبرهان عقلي وشرعي. وقال البقاعي - رحمه الله - لا كمن هو على عمى جائر عن القصد، حائر في ضلال التقليد.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: