سؤال: فالإنسان الذي يتطهر وهو يعلم أنه على طريق شرعي، هل هو كالذي يتطهر من أجل أنه رأى أباه أو أمه يتطهران؟ أيهما أبلغ في تحقيق العبادة؟ رجل يتطهر لأنه علم أن الله أمر بالطهارة وأنها هي طهارة النبي صلى الله عليه وسلم، فيتطهر امتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أم رجل آخر يتطهر لأن هذا هو المعتاد عنده؟
فالجواب: بلا شك أن الأول هو الذي يعبد الله على بصيرة. فهل يستوي هذا وذاك؟ وإن كان فعل كل منهما واحدا، لكن هذا عن علم وبصيرة يرجو الله - عز وجل - ويحذر الآخرة ويشعر أنه متبع للرسول صلى الله عليه وسلم.
وأقف عند هذه النقطة وأسأل: هل نستشعر عند الوضوء بأننا نمتثل لأمر الله سبحانه وتعالى في قوله: (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ..(٦) سورة المائدة، هل الإنسان عند وضوئه يستحضر هذه الآية وأنه يتوضأ امتثالا لأمر الله؟ هل يستشعر أن هذا وضوء رسول الله ﷺ وأنه يتوضأ اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: نعم، الحقيقة أن منا من يستحضر ذلك، ولهذا يجب عند فعل العبادات أن نكون ممتثلين لأمر الله بها حتى يتحقق لنا بذلك الإخلاص، وان نكون متبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم. نحن نعلم أن من شروط الوضوء النية، لكن النية قد يراد بها العمل وهذا الذي يبحث في الفقه، وقد يراد بها نية المعمول له، وحينئذ علينا أن ننتبه لهذا الأمر العظيم: وهو أن نستحضر ونحن نقوم بالعبادة أن نمتثل أمر الله بها لتحقيق الإخلاص، وأن نستحضر أن الرسول ﷺ فعلها ونحن له متبعون فيها


الصفحة التالية
Icon