التلطف والرفق والرحمة : فالرحمة والرفق والإشفاق على المخالف : من أهمِّ آداب الحوار ؛ إذ يجب على المحاور أن يسعى لهداية الآخرين واستقامتهم، كما يجب عليه أن ينصح لهم، وأن يشفق عليهم، ووجود الرحمة في قلب المحاور دليل على تجريد الإخلاص لله عز وجل في نشر دينه، وعلامة على الصدق في الدعوة، والاستقامة على المنهج.
أضف إلى ذلك أن الرحمة " جسرٌ بين المحاور والطرف الآخر ومفتاح لقلبه وعقله، وخاصة عندما يشعر بها ويلمسها فتخرج ما في نفسه من أمراض الكبر والبطر والحقد والحسد ونحوها، فهي بذلك وسيلة لجمع القلوب وتأليف الأفئدة، وكلما ظهرت الرحمة على المحاور واتضحت معالمها كلما انشرح صدر الخصم واقترب من محاوره وأوشك على الإذعان والاقتناع " (١)، قال تعالى چ پ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ٹ ٹٹ ٹ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟؟ ؟ ؟ ؟ چ چ چ آل عمران: ١٥٩، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - ﷺ - ( إِنّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ أُمّتِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً، فَجَعَلَتِ الدّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ، فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحّمُونَ فِيهِ).(٢)
(٢) - صحيح البخاري كتاب الرقاق باب: الانتهاء عن المعاصي - الحديث رقم: ٦١١٨، ورواه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل - باب شفقته - ﷺ - على أمته، ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم ١٨ – (٢٢٨٤) والمتأمل في سورة الأنعام وقد سيقت لإقامة الحجج على أهل الشرك وتفنيد شبهاتهم ومواجهة عنادهم وإعراضهم وتبديد أوهامهم وإبطال معتقداتهم الفاسدة وتقاليدهم البالية إلا أنها تحملُ لنا بين الفَينةِ والفينةِ نسائمَ معطرةً بعبقِ الرحمة الإلهية تُضفي على هذا الحوار بردا وسلاما، وتُلَوِّحَ للآخَر بالمغفرةِ والرحمةِ إن تاب إلى مولاه واهتدى ولمزيد بيان يراجع التفسير الموضوعي لسورة الأنعام للمؤلف وآيات الرحمة في السورة هي الآية: ١٢، ١٣٣، ١٤٧، ١٥٤، ١٦٥.