دع مجالستَهم ولا تعلِّق قلبك بهم ولا تحزنْ عليهم ؛ فإنهم أهلُ باطلٍ وتعنتٍ، وتلاعبٍ وهزلٍ، واستهزاءٍ حتى بدينهم الذي يتعصّبون له فإنهُ عُرضةٌ لعبثهم ومثارا لاستهزائهم، فما بالك باستهزائهم بدين الحقِّ ! وقد اغتروا بما نالوه في الدنيا من حظوظٍ زائلةٍ حملتهم إلى بطرِ الحقِّ وغمْطِ الناس وازدرائهم، فالوصول إلى الحق لا يعنيهم.
ولهذه الآية الكريمة اتصالها بالسورة : ذلك أنه لما كان مدار السورة حول تقرير العقيدة بإقامة الحجج وتجلية البراهين وما يستدعيه ذلك من محاورات ومناظرات تستلزم من الداعية أن يغشى مجالس الكفار ومنتدياتهم فيحاورهم وربما أدى ذلك إلى خوض بعضهم في آيات الله : بينت هذه الآياتُ الكريمةُ منهجَ التعاملِ مع أولئك الخائضين، وهو الإعراض عنهم حتى ينصرفوا عن خوضهم ويكفُّوا عن تطاولهم، كما أمرت بتجنبِ مجالسِ الظلمةِ لأن حضورَها لا يأتي غالبا بخيرٍ، وأن لا يضيع الداعيةُ وقته وجهده مع من لا يعنيهم الوصولُ إلى الحق.


الصفحة التالية
Icon