فمن سمات المنهج القرآني : الواقعية : من حيث عرضُِهِ للعقيدةِ التي يتسلحُ بها المؤمنُ في مواجهةِ واقعِهِ. الواقعية : في كل ما جاء به من تشريعات، تناسبُ الواقعَ، وتعالجُ النوازلَ والوقائعَ. الواقعية : في قصصه وأمثاله التي نستلهمُ منها العبرَ، ونستمدُّ المواعظَ، ونستخلصُ الفوائدَ. الواقعية : في حِكَمِهِ ووصاياهُ التي تَشْحَذُ الهِمَمَ وتسمُو بالأرواحِ وتُقِيمُ الحياةَ وتنهضُ بالمجتمعاتِ. الواقعية : في حديثه عن حقيقةِ الإنسانِ وما يتعلقُ به من حيثُ المبدأُ والمعاشُ والمعادُ، وما أَوْدَعَ اللهُ فيه من غرائزَ وعواطفَ.
ومن واقعية المنهج القرآني نزوله منجما حسب الوقائع والأحداث، ومتابعته لكل ما يستجد على ساحة الدعوة على مدار مرحلتيها المكية والمدنية.
ومن سمات الحوارِ القرآني أنه حوارٌ واقعيٌّ، يلمسُ واقع الناسِ، ويربطُ الماضي بالحاضر، ويسلِّطُ الأضواءَ على المستقبلِ القريبِ والبعيدِ.
التدرج في إقامة الحجج
حيث الانتقالُ من حجة إلى حجة، بعد اقتناع الخصم وتسليمه بها، والتدرج أيضا في الموضوعات حيث البدء بالأصول ثم الانتقال إلى الفروع، وحين نطبِّق ذلك على سورة الأنعام نجدها وقد بدأت بتقرير العقيدة باعتبارها القاعدة والركيزة التي تُبنى عليها وتتفرع منها الأحكام العملية، كذلك التدرُّج مع الخصم في الإقناع، " فقد يحتاج المحاور إلى أن يتدرج مع خصمه، ويسلِّم له ببعض الأمور تسليما جدليا مؤقتا حتى يصل إلى مقصوده كما في قصة إبراهيم مع قومه :" فهذا الذي استعمله إبراهيم - عليه السلام - هو التسليم الجدلي، فإبراهيم كان مناظرا لقومه، فقال ما قال تمهيدا للإنكار عليهم، فحكى مقالتهم أولا حكاية استدراجهم بها إلى سماع حجته على بطلانها، إذ أوهم أنه موافق عليها على زعمهم ثم كر عليه بالنقض، بانيا دليله على قاعدة الحسِّ ونظر العقل " (١).