حاجة الداعية إلى فن الحوار وأصوله : فمعرفة ذلك لا غنى عنه لمن يسلك طريق الدعوة، إذ الدعوة إلى الله تعالى مبنية على الحوار وقائمةٌ عليه، وميادين الدعوة ومساراتها متعددة ومتنوعة، " ومن المتطلبات الضرورية للداعية حاجته إلى فهم أصول الجدال، والحوار، والمناظرة ؛ فإن كثيرا من الناس بدافع المحبة والعاطفة للإسلام يفسد أكثر مما يصلح، إما بالسبِّ والشتم للمقابل، أو بعدم التمكن من التحاور لسرعة غضبه وحمقه، وقد يكون البعض من الدعاة صيدا ثمينا لخاتل مارق يريد أن يفسد عليه، وذلك بإثارته، والتشغيب عليه، وجره إلى شبهات ينهزم أمامها في أول جولة، إن لم تتزعزع ثوابته، وتختلط عليه الأمور، وقد رأينا شيئًا من هذا في مناسبات متعددة (١).
التعارف : وبالحوار نتعرف على أطروحات الطرف الآخر ووجهات نظره وحججه في القضايا التي هي موضوع الحوار، في مقابل تعريفه بما يغيب عنه أو يلتبس عليه من أصول ديننا ومحاسنه.
طلب الحق : فالحوار يهدف إلى التوصُّل إلى الحقيقة الثابتة ومن ثَمَّ التسليم بها ثُمَّ الدعوة إليها، وفي ذلك يقول الإمام الغزالي عند ذكره لعلامات طلب الحق :"أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة، لا يفرّق بين أن تظهر الضالة على يده، أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينًا لا خصمًا، ويشكره إذا عرفه الخطأ وأظهر له الحق" (٢).
الرد على أهل الزيغ والضلال : من أصحاب وأتباع الفرق الضالة المنحرفة عن منهج أهل السنة والجماعة، والتي تسيء إلى هذا الدين ؛ إذ تعطي صورةً سلبيةً لا تليق بإيجابيةِ هذا الدين وعظمته وسماحته وروعته، كما يظهر ذلك في احتفالاتهم وبدعهم التي لا أصل لها، وواجب العلماء أن يتصدوا لهم بالحوار الفعَّال الذي يفند شبهاتهم ويبدد أوهامهم ويردهم إلى الحق ردا جميلا.
(٢) - إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي ١/ ٤٤