للاعتراض. وقد صدقوا في قولهم : لو شاء اللّه أطعمهم، ولكن كذبوا في الاحتجاج بذلك.
وقوله : مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ترغيب في الإنفاق، فإن اللّه رزقكم، فإذا أنفقتم فهو يخلف لكم الرزق ثانيا كما رزقكم أولا، وهو أيضا ذم على البخل الذي هو في غاية القبح، فإن أبخل البخلاء من يبخل بمال الغير، وفي هذا ذم لهم على ترك الشفقة على خلق اللّه.
ومع هذا كله، عابوا الآمرين لهم بالإنفاق واتهموهم بالضلال، فقالوا تتمة لكلامهم : إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ما أنتم في أمركم لنا بالإنفاق إلا في خطأ واضح، وانحراف عن جادة الهدى والرشاد.
وقوله إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا.. يفيد الحصر. وهذا فهم خطأ من المشركين، لأن حكمة اللّه اقتضت تفاوت الناس في الرزق، فهو يقبض الرزق عمن يشاء، ويبسطه لمن يشاء، وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ، وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ، إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ [الشورى ٤٢/ ٢٧] فقد أغنى قوما، وأفقر آخرين، وأمر الفقراء بالصبر، وأمر الأغنياء بالعطاء والشكر : فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى [الليل ٩٢/ ٥ - ١٠].
وقال الطبري :" يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَإِذَا قِيلَ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ : أَنْفِقُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ الَّذِي رَزَقَكُمْ، فَأَدُّوا مِنْهُ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فِيهِ لِأَهْلِ حَاجَتِكُمْ وَمَسْكَنَتِكُمْ، قَالَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ وَعَبَدُوا مِنْ


الصفحة التالية
Icon