دُونِهِ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ : أَنُطْعِمُ أَمْوَالَنَا وَطَعَامَنَا مَنْ لَوِ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ ؟
وَفِي قَوْلِهِ : إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مِنْ قِيلِ الْكُفَّارِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ : مَا أَنْتُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ فِي قِيلِكُمْ لَنَا : أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ عَلَى مَسَاكِينِكُمْ، إِلَّا فِي ذَهَابٍ عَنِ الْحَقِّ، وَجَوْرٍ عَنِ الرُّشْدِ مُبِينٍ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ، أَنَّهُ فِي ضَلَالٍ ؛ وَهَذَا أَوْلَى وَجْهَيْهِ بِتَأْوِيلِهِ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قِيلِ اللَّهِ لِلْمُشْرِكِينَ، فَيَكُونُ تَأْوِيلُهُ حِينَئِذٍ : مَا أَنْتُمْ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ فِي قِيلِكُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ : أَنُطْعِمُ مَنْ لَوِ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ، إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ، عَنْ أَنَّ قِيلَكُمْ ذَلِكَ لَهُمْ ضَلَالٌ " قال ابن كثير :" وفي هذا نظر. " (١)
ومضات :
إن تلك الآيات بذاتها لا تثير في قلوبهم التطلع والتدبر والحساسية والتقوى. وهي بذاتها كافية أن تثير في القلب المفتوح هزة ورعشة وانتفاضة وأن تخلطه بهذا الوجود. هذا الكتاب المفتوح الذي تشير كل صفحة من صفحاته إلى عظمة الخالق، ولطيف تدبيره وتقديره. ولكن هؤلاء المطموسين لا يرونها. وإذا رأوها لا يتدبرونها. واللّه - لعظيم رحمته - لا يتركهم مع هذا بلا رسول ينذرهم ويوجههم ويدعوهم إلى رب هذا الكون وبارئ هذا الوجود. ويثير في قلوبهم الحساسية والخوف والتقوى ويحذرهم موجبات الغضب والعذاب، وهي محيطة بهم، من

(١) - تفسير ابن كثير - (٦ / ٥٨٠)


الصفحة التالية
Icon