أنفقوا مما رزقكم اللّه، فبخلوا وتهكموا، وهو شأن البخلاء في كل عصر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - :" السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ وبَعِيدٌ مِنَ النَّارِ، وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنَ اللهِ بَعِيدٌ مِنَ الْجَنَّةِ بَعِيدٌ مِنَ النَّاسِ قَرِيبٌ مِنَ النَّارِ، وَلَفَاجِرٌ سَخِيٌّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ عَابِدٍ بِخَيْلٍ، وَأَيُّ دَاءٍ أَوْدَى مِنَ الْبُخْلِ " (١)
وقد بين الله تعالى طبيعة الكفار أيضاً في موضع آخر حيث قال :﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣) ﴾ [الماعون : ١ - ٣]
والإشارة مشاربها إلى هذا الذي يكذب بالدين.. إنه ذلك الذي « يَدُعُّ الْيَتِيمَ » أي يقهره، ويذله، وينزع عنه لباس الأمن والطمأنينة إذا وقع ليده، وعاش فى ظله.. إن اليتيم ضعيف، عاجز، أشبه بالطير المقصوص الجناح، يحتاج إلى اللطف، والرعاية، والحنان.. فإذا وقع ليد إنسان قد خلا قلبه من الرحمة، وجفت عواطفه من الحنان والعطف ـ كان أشبه بفرخ الطير وقع تحت مخالب نسر كاسر، فيموت فزعا وخوفا، قبل أن يموت تمزيقا ونهشا..
وقوله تعالى :« وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ». أي لا يدعو إلى إطعام المسكين، ولا يجعل من رسالته فى الناس إطعام الجياع.. فإن من لا يحمل همّ الجياع، ولا يدعو الناس إلى إطعامهم، لا يجد من نفسه

(١) - شعب الإيمان - (١٣ / ٢٩٣)(١٠٣٥٦ ) وسنن الترمذى(٢٠٨٨ ) ضعيف


الصفحة التالية
Icon