جلّ شأنه :« إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ » (٦ : فاطر) وعبادة الشيطان، هى اتّباعه فيما يدعو إليه، وهو لا يدعو إلا إلى ضلال، وشرك، وكفر.. والاستفهام فى الآية للتقرير.. الذي يثير مشاعر الندم والحسرة.."
وبعد النهي عن عبادة غير اللّه أمر تعالى بعبادته، فقال :« وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ » هو معطوف على قوله تعالى :« أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ».. أي « أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ، إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي » ؟.. فالعهد الذي أخذه اللّه على أبناء آدم جميعا، هو أن يتجنبوا عبادة الشيطان، وأن يحذروا الاستجابة له فيما يدعوهم إليه، وأن يعبدوا اللّه وحده.. فهذا هو الصراط المستقيم.. فمن لم يعبد اللّه، فقد ضل وهلك..
ثم أخبر اللّه تعالى عن مساعي الشيطان في إضلال السابقين، فقال :: « وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ » الجبلّ، والجبلة : الخلق والآية تلفت العقول إلى هذه الآثار السيئة التي تركها الشيطان فيمن عصوا اللّه، ونقضوا العهد، واتبعوا خطوات الشيطان.. لقد ألقى بهم الشيطان فى بلاء عظيم، وأوردهم موارد الهلاك.. فإذا لم ير بعض الغافلين أن يستجيبوا لما دعاهم اللّه إليه من اجتناب الشيطان، والحذر منه ـ أفلم يكن لهم فيما رأوا من آثاره فى أتباعه وأوليائه، ما يدعوهم إلى اجتنابه، ومحاذرته ؟


الصفحة التالية
Icon