أي لقد أغوى الشيطان خلقا كثيرا، وزين لهم فعل السيئات، وصدهم عن طاعة اللّه وتوحيده، أفلم تعقلوا عداوة الشيطان لكم، وتبتعدوا عن مثل ضلالات السابقين، حتى لا تعذبوا مثلهم.
وفي قوله تعالى :« أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ؟ » هو عود باللائمة والتوبيخ لهؤلاء الذين لا تزال أيديهم ممسكة بيد الشيطان، وهم يمشون على أشلاء صرعاه منهم!
ثم بيّن اللّه تعالى مآل أهل الضلال قائلا لهم يوم القيامة تقريعا وتوبيخا :« هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ».. لقد نقض المشركون عهد اللّه، وخرجوا عن أمره.. ولكن اللّه سبحانه لم ينقض عهده معهم، وهو أنهم إذا نقضوا عهده، وخرجوا عن أمره، كانت النار موعدهم.. كما يقول سبحانه :« النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ » (٧٢ : الحج).
قوله تعالى :« اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ » أي اصطلوا بها، وذوقوا عذابها، بسبب كفركم وضلالكم.. وفى هذا الأمر الذي يلقى إليهم وهم يتقلبون على جمر جهنم مضاعفة للعذاب ومزيد منه، إن كان وراءه مزيد!.
وفي هذا الكلام إشارة إلى شدة ندامتهم وحسرتهم من وجوه ثلاثة (١) :
١ - قوله تعالى : اصْلَوْهَا وهو أمر تنكيل وإهانة، كقوله تعالى لفرعون : ذُقْ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدخان ٤٤/ ٤٩].

(١) - تفسير الرازي : ٢٦/ ١٠١


الصفحة التالية
Icon