٢ - قوله تعالى : الْيَوْمَ الذي يدل على أن العذاب حاضر، وأن لذاتهم قد مضت، وبقي العذاب اليوم.
٣ - قوله تعالى : بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ الذي ينبئ عن الكفر بنعمة عظيمة، وحياء الكفور من المنعم من أشد الآلام، كما قال بعضهم :
أليس بكاف لذي نعمة حياء المسيء من المحسن
ثم أبان اللّه تعالى مدى مواجهتهم بالجرم الذي ارتكبوه دون أن يستطيعوا إنكاره، فقال :« الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » أي فى هذا اليوم يختم اللّه على أفواه أهل الضلال، فلا ينطقون.. وفى هذا زجر لهم، وكبت للكلمات التي كانت ستنطلق من أفواههم، ليعتذروا بها إلى اللّه، وليتبرءوا بها من أنفسهم، وما جنته أيديهم، أو يحاولوا بها إلقاء التهمة على غيرهم.. وفى كل هذا مجال للتنفس عنهم.. وكلّا، فإنه لا متنفس لهم، ولو بالكلمة!!
ومما يضاعف فى إيلامهم وحسرتهم أن يقوم الشهود عليهم بإثبات جريمتهم ـ من أنفسهم، فتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم.. إنهم شهود أربعة، تتم بهم الشهادة على مرتكبى الكبائر..
ولا نسأل كيف تتكلم هذه الجوارح.. إنها تنطق للخالق الذي خلقها.. وفى هذا يقول اللّه تعالى :« وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ (١٩ ـ ٢١ : فصلت).


الصفحة التالية
Icon