المشركين، دعوة إلى المبادرة إلى الإيمان باللّه، واستباق الزمن قبل أن يفوت الأوان..
وهنا فى هذه الآية، دعوة أخرى إلى المبادرة واستباق الزمن.. حيث أنه كلما طال الزمن بهم لم يزدهم طول الزمن إلا نقصا فى الخلق، وإلا ضعفا فى التفكير، حيث يأخذ الإنسان عند مرحلة من مراحل العمر فى العودة إلى الوراء، وفى الانحدار شيئا فشيئا، حتى يعود كما بدأ، طفلا فى مشاعره، وخيالاته، وصور تفكيره..
فالزمن بالنسبة لهؤلاء المشركين، ليس فى صالحهم، وأنهم وقد بلغوا مرحلة الرجولة الكاملة، لا ينتظرون إلا أن ينقصوا لا أن يزدادوا، وعيا وإدراكا، وأنهم إذا لم تهدهم عقولهم إلى الإيمان بهذا الكتاب الذي بين أيديهم فلن يهتدوا بعد هذا أبدا، بل سيزدادون ضلالا إلى ضلال، وعمى إلى عمى..
وفى قوله تعالى :« أَفَلا يَعْقِلُونَ » حثّ لهم على استعمال عقولهم تلك، التي هى معهم الآن، ثم إذا هى ـ بعد أن يمتد العمر بهم ـ وقد تخلت عنهم!
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :« وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً » (٧٠ : النحل)."
ومضات :
إنهم يتلقون التحقير والترذيل :«وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ».. انعزلوا هكذا بعيدا عن المؤمنين! «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ - يا بَنِي آدَمَ - أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ؟»..