قال تعالى : إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ أي ما القرآن إلا ذكر من الأذكار، وموعظة من المواعظ، وكتاب سماوي واضح ظاهر جلي لمن تأمله وتدبره، يتلى في المعابد، ويسترشد في كل شؤون الحياة.
لذا قال تعالى محدّدا مهمة القرآن ومهمة رسول اللّه - ﷺ - :« لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ » أي لينذر هذا القرآن المبين كل حي على وجه الأرض، كقوله تعالى : لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام ٦/ ١٩] ولكن إنما ينتفع بنذارته من هو حيّ القلب، مستنير البصيرة، ولكي تثبت به وتجب كلمة العذاب على الكافرين، الممتنعين من الإيمان به، وهذا في مقابلة صفة المؤمنين وهم أحياء القلوب، أما الكافرون فهم لكفرهم وسقوط حجتهم وعدم تأملهم أشبه بالأموات في الحقيقة، لعدم تأثرهم بعظات القرآن، وانعدام يقظتهم لاتباع الحق والهدى.
" أي أن هذا الرسول الكريم، إنما ينذر بالكتاب الذي معه، « مَنْ كانَ حَيًّا » أي من كان فى الأحياء من الناس، بعقله، ومدركاته، وحواسه.. فإن من كان هذا شأنه، كان أهلا لأن ينتفع بما ينذر به.. أما من تخلى عن عقله، وملكاته ومشاعره فلا يحسب فى الأحياء، ولا ينتفع بالنذر.. بل سيظل على ما هو عليه من كفر وضلال، ويحق عليه القول، أي ينزل به العذاب، الذي توعد به اللّه سبحانه وتعالى، أهل الكفر والضلال.."
والخلاصة : أن الآية دالة على أن القرآن رحمة للمؤمنين، وحجة على الكافرين.


الصفحة التالية
Icon