ولقد كانوا يتخذون تلك الآلهة يبتغون أن ينالوا بها النصر. بينما كانوا هم الذين يقومون بحماية تلك الآلهة أن يعتدي عليها معتد أو يصيبها بسوء، فكانوا هم جنودها وحماتها المعدين لنصرتها :«وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ»..
وكان هذا غاية في سخف التصور والتفكير. غير أن غالبية الناس اليوم لم ترتق عن هذا السخف إلا من حيث الشكل. فالذين يؤلهون الطغاة والجبارين اليوم، لا يبعدون كثيرا عن عباد تلك الأصنام والأوثان. فهم جند محضرون للطغاة. وهم الذين يدفعون عنهم ويحمون طغيانهم. ثم هم في الوقت ذاته يخرون للطغيان راكعين! إن الوثنية هي الوثنية في شتى صورها. وحيثما اضطربت عقيدة التوحيد الخالص أي اضطراب جاءت الوثنية، وكان الشرك، وكانت الجاهلية! ولا عصمة للبشرية إلا بالتوحيد الخالص الذي يفرد اللّه وحده بالألوهية. ويفرده وحده بالعبادة. ويفرده وحده بالتوجه والاعتماد. ويفرده وحده بالطاعة والتعظيم.
«فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ. إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ».
الخطاب للرسول - ﷺ - وهو يواجه أولئك الذين اتخذوا من دون اللّه آلهة. والذين لا يشكرون ولا يذكرون. ليطمئن بالا من ناحيتهم. فهم مكشوفون لعلم اللّه. وكل ما يدبرونه وما يملكونه تحت عينه.
فلا على الرسول منهم. وأمرهم مكشوف للقدرة القادرة. واللّه من ورائهم محيط..


الصفحة التالية
Icon