وما أعظمه إنسانا رشيدا، عاقلا مؤمنا، فى ثوب الإنسانية الرشيدة العاقلة المؤمنة!."
ألم يعلم كل إنسان أننا بدأنا خلقه من نطفة (مني) من ماء مهين، هي أضعف الأشياء، ثم جعلناه بشرا سويّا، ثم تراه يفاجئنا بأنه ناطق مجادل بيّن جريء في جدله، فقوله خَصِيمٌ ناطق، ومُبِينٌ إشارة إلى قوة عقله.
والمراد : أو لم يستدلّ من أنكر البعث بالبدء على الإعادة، فإن اللّه ابتدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين، فخلقه من شيء ضعيف حقير، كما قال تعالى : أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ، فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ، إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ [المرسلات ٧٧/ ٢٠ - ٢٢]، وقال سبحانه : إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ [الإنسان ٧٦/ ٢] أي من نطفة من أخلاط متفرقة.
فشأن هذا المخلوق أن يشكر النعمة، لا أن يطغى ويتجبر، وينكر البعث والإعادة.
قوله تعالى:« وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ». "هو عطف حدث على حدث، عطف خلق اللّه سبحانه الإنسان من نطفة، ثم قيام إنسان من هذه النطفة يجادل اللّه، ويختصمه، ويضرب له الأمثال، احتجاجا وحجة!.
ففاعل الفعل « ضرب » يعود إلى هذا الإنسان الخصيم المبين، الذي تولد من النطفة!.
إنه لم يقف عند هذه الدعوة التي دعاه اللّه سبحانه وتعالى بها إلى أن ينظر فى خلقه، وأن يعرف من أين جاء، وكيف كان، ثم كيف صار