فهم من ذرية إسماعيل ولم يكن لهم بعده من رسول. فالإنذار قد يوقظ الغافلين المستغرقين في الغفلة، الذين لم يأتهم ولم يأت آباءهم نذير.
ثم يكشف عن مصير هؤلاء الغافلين وعما نزل بهم من قدر اللّه، وفق ما علم اللّه من قلوبهم ومن أمرهم.
ما كان منه وما سيكون :«لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ»..
لقد قضي في أمرهم، وحق قدر اللّه على أكثرهم، بما علمه من حقيقتهم، وطبيعة مشاعرهم. فهم لا يؤمنون.
وهذا هو المصير الأخير للأكثرين. فإن نفوسهم محجوبة عن الهدى مشدودة عن رؤية دلائله أو استشعارها.
وهنا يرسم مشهدا حسيا لهذه الحالة النفسية، يصورهم كأنهم مغلولون ممنوعون قسرا عن النظر، محال بينهم وبين الهدى والإيمان بالحواجز والسدود، مغطى على أبصارهم فلا يبصرون :«إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا، فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ، فَهُمْ مُقْمَحُونَ. وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا. فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ»..
إن أيديهم مشدودة بالأغلال إلى أعناقهم، موضوعة تحت أذقانهم. ومن ثم فإن رؤوسهم مرفوعة قسرا، لا يملكون أن ينظروا بها إلى الأمام! ومن ثم فهم لا يملكون حرية النظر والرؤية وهم في هذا المشهد العنيف!
وهم إلى هذا محال بينهم وبين الحق والهدى بسد من أمامهم وسد من خلفهم فلو أرخي الشد فنظروا لم تنفذ أبصارهم كذلك من هذه السدود! وقد سدت عليهم سبيل الرؤية وأغشيت أبصارهم بالكلال!