ونحو الآية قوله تعالى حكاية عن قوم فرعون « فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ، أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ »
"وينتهي موقف الرسل مع أصحاب القرية إلى هذا الطريق المسدود.. ثم لا يلبث أن يجيء صوت العقل، من واحد من أهل القرية، فيكسر هذا الحائط، ويدخل على القوم منه، ويأخذ موقفه مع الرسل، داعيا إلى اللّه.." (١)
فقد أبان أنّ الحق لا يعدم نصيرا، وأن اللّه يقيّض له من يدافع عنه فقال :(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) أي وجاء من أطراف المدينة رجل يعدو مسرعا، لينصح قومه حين بلغه أنهم عقدوا النية على قتل الرسل، فتقدم للذبّ عنهم ابتغاء وجه اللّه ونيل ثوابه، قال يا قوم اتبعوا رسل اللّه الذين لا يطلبون منكم أجرا على تبليغهم ولا يطلبون علوا في الأرض ولا فسادا، وهم سالكون طريق الهداية التي توصل إلى سعادة الدارين.
" فأي دعوة أولى من هذه الدعوة، بالقبول لها، والاحتفاء بأهلها ؟
إنها دعوة من أهل الهدى، الذين لا يسألون أجرا على هذا الهدى الذي، يقدمونه ويدعون إليه.. فلم التمنّع والإعراض عن خير يبذل بلا ثمن ؟
ذلك لا يكون إلا عن سفه وجهل معا..

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١١ / ٩١٥)


الصفحة التالية
Icon