أما إذا كان الحديث عامّا إلى الناس جميعا، مؤمنين وكافرين، فأكثر ما يجىء الحديث عن البعث بالرجعة إلى اللّه، كما يقول سبحانه :« إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى » (٨ : العلق).
وكما يقول سبحانه :« كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ » (٩٣ : الأنبياء).. والرجوع هنا، هو عودة إلى المبدأ الذي بدأت منه رحلة الحياة.. حيث كانت الحياة من عند اللّه، ثم رجعت إليه.."
وهذا دليل على أنه ليس من أهلكه اللّه تركه، بل بعده جمع وحساب، وحبس وعقاب ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحة، كما قال القائل :
ولو أنا إذا متنا تُركنا لكانَ المَوْتُ راحَة َ كُلِّ حَيِّ
ولكنا إذا متنا بُعثنا ونُسأل بعد ذا عن كل شي (١)
ومضات :
فأما الطغيان فكان أهون على اللّه من أن يرسل عليه الملائكة لتدمره. فهو ضعيف ضعيف :«وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ. وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ. إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ»
ولا يطيل هنا في وصف مصرع القوم، تهوينا لشأنهم، وتصغيرا لقدرهم. فما كانت إلا صيحة واحدة أخمدت أنفاسهم.. ويسدل الستار على مشهدهم البائس المهين الذليل!

(١) - جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور ـ محتويات موقع أدب - (١٢ / ١٦٧) والمحاسن والمساوئ - (١ / ١٤٤) وصيد الخاطر - (١ / ٥٧) ونفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - (٦ / ٣٢٦)


الصفحة التالية
Icon