حسرة على العباد تتاح لهم فرصة النجاة فيعرضون عنها، وأمامهم مصارع الهالكين قبلهم لا يتدبرونها ولا ينتفعون بها. ويفتح اللّه لهم أبواب رحمته بإرسال الرسل إليهم الحين بعد الحين ولكنهم يتجافون أبواب الرحمة ويسيئون الأدب مع اللّه :«ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ»..
«أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ»..
ولقد كان في هلاك الأولين الذاهبين لا يرجعون، على مدار السنين وتطاول القرون. لقد كان في هذا عظة لمن يتدبر. ولكن العباد البائسين لا يتدبرون. وهم صائرون إلى ذات المصير. فأية حالة تدعو إلى الحسرة كهذا الحال الأسيف؟! إن الحيوان ليرجف حين يرى مصرع أخيه أمامه ويحاول أن يتوقاه قدر ما يستطيع. فما بال الإنسان يرى المصارع تلو المصارع، ثم يسير مندفعا في ذات الطريق؟ والغرور يملي له ويخدعه عن رؤية المصير المطروق! وهذا الخط الطويل من مصارع القرون معروض على الأنظار ولكن العباد كأنهم عمي لا يبصرون! وإذا كان الهالكون الذاهبون لا يرجعون إلى خلفائهم المتأخرين، فإنهم ليسوا بمتروكين ولا مفلتين من حساب اللّه بعد حين..«وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ».. (١)
وقال دروزة :" الآيات متصلة بالسياق السابق اتصالا تعقيبيا كما هو المتبادر. وهو ما جرى عليه النظم القرآني عقب القصص. وقد احتوت