"قوله تعالى :« وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ » معطوف على قوله تعالى :« حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ » أي وآية لهم أنا خلقنا لهم من مثل هذا الفلك، مراكب يركبونها فى البر، وهى الإبل التي تسمى سفائن الصحراء، والخيل، والبغال والحمير، وغيرها مما يركب، ويحمل عليه.."
لكن قال الرازي : الضمير في مِثْلِهِ عائد إلى الفلك، على قول الأكثرين، فيكون هذا كقوله تعالى : وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ [ص ٣٨/ ٥٨] وعلى هذا فالأظهر أن يكون المراد الفلك الآخر الموجود في زمانهم، وليس المراد الإبل.
ويؤيد هذا قوله تعالى هنا : وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ. ولو كان المراد الإبل، لكان قوله : وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ فاصلا بين متصلين.
ويحتمل أن يعود الضمير إلى معلوم غير مذكور تقديره : من مثل ما ذكرنا من المخلوقات، مثل قوله تعالى هنا : لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ (١) وعلى هذا، الآية تشمل كل وسائل النقل الحديثة من سيارات وقطارات وطائرات. ونظير الآية قوله تعالى : وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ [النحل ١٦/ ٨].
ودليل رحمته ولطفه تعالى حفظ الركاب في تلك الوسائط، فقال : وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ، فَلا صَرِيخَ لَهُمْ، وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ " أي أنه إذا كان من قدرة اللّه أن سخّر الفلك لتجرى فى البحر بأمره، فلا يغرق راكبوهم فإن من قدرته سبحانه أن يغرق هذه السفن، بمن فيها من أولاد وأموال

(١) - تفسير الرازي : ٢٦/ ٨١، تفسير الألوسي : ٢٣/ ٢٧


الصفحة التالية
Icon