، فلا يجدون من يسمع لهم صراخا، أو يستجيب لهم، أو يقدر على إنقاذهم إن سمع واستجاب.. فهم هلكى لا محالة، إلّا أن تتداركهم رحمة اللّه، وإلا أن تكون لهم بقية من أجل.."
فقوله تعالى :« إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ » استثناء من قوله تعالى :« فَلا صَرِيخَ لَهُمْ » أي لا ينقذهم منقذ أبدا إلا رحمة اللّه، وما لهم من أجل لم ينته بعد.."
إِلَّا هنا : استثناء منقطع، تقديره : ولكن برحمتنا نسيركم في البر والبحر، ونحفظكم من الغرق، ونسلمكم إلى أجل مسمى، ونمتعكم بالحياة الدنيا إلى وقت معلوم عند اللّه عز وجل، وهو الموت.
ومضات :
إنهم يكذبون الرسل، ولا يتدبرون مصارع المكذبين، ولا يدركون دلالة كونهم يذهبون ولا يرجعون.
والرسل إنما يدعونهم إلى اللّه. وكل ما في الوجود حولهم يحدثهم عن اللّه، ويدل عليه ويشهد بوجوده. وهذه هي الأرض القريبة منهم، يرونها ميتة لا حياة فيها، ولا ماء ينشئ الحياة ثم يرونها حية تنبت الحب، وتزدان بالجنات من نخيل وأعناب، وتتفجر فيها العيون، فتجري بالحياة حيث تجري.
والحياة معجزة لا تملك يد البشر أن تجريها إنما هي يد اللّه التي تجري المعجزات، وتبث روح الحياة في الموات. وإن رؤية الزرع النامي، والجنان الوارفة، والثمر اليانع، لتفتح العين والقلب على يد اللّه المبدعة، وهي تشق التربة عن النبتة المتطلعة للحرية والنور، وتنضر العود


الصفحة التالية
Icon