الثاني : أنه يكتب ما قدموا في دار الدنيا.
الثالث : أنه يكتب آثارهم.
الرابع : أنه أحصى كل شيء في إمام مبين. أي في كتاب بيِّن واضح، وهذه الأشياء الأربعة جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أما الأول منها : وهو كونه يحيي الموتى بالبعث فقد جاء في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى.
كقوله تعالى :﴿ قُلْ بلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ﴾ [ التغابن : ٧ ] وقوله تعالى :﴿ قُلْ إِي وربي إِنَّهُ لَحَقٌّ ﴾ [ يونس : ٥٣ ]. وقوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ بلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً ﴾ [ النحل : ٣٨ ] والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقد قدّمناها بكثرة في سورة البقرة وسورة النحل في الكلام على براهين البعث وقدمنا الإحالة على ذلك مراراً.
وأما الثاني منها : وهو كونه يكتب ما قدموا في دار الدنيا فقد جاء في آيات كثيرة كقوله تعالى :﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بلى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [ الزخرف : ٨٠ ]. وقوله تعالى :﴿ هذا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق إِنَّ كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الجاثية : ٢٩ ]. وقوله تعالى :﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً اقرأ كَتَابَكَ كفى بِنَفْسِكَ اليوم عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾ [ الإسراء : ١٣١٤ ] وقوله تعالى :﴿ وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ ياويلتنا مَا لهذا الكتاب لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَاً ﴾ [ الكهف : ٤٩ ] الآية. وقوله تعالى :﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ ق : ١٨ ].
وقد قدّمنا بعض الكلام على هذا في سورة الكهف.
وأما الثالث منها : وهو كونهم تكتب آثارهم فقد ذكر في بعض الآيات أيضاً.
واعلم أن قوله :﴿ وَآثَارَهُمْ ﴾ فيه وجهان من التفسير معروفان عند العلماء.