هنا عظم شأن الرسالة. كأنه قال : إن من أنزل القرآن - وهو من هو في عظم شأنه - هو الذي أرسل رسوله محمدا - ﷺ - ومثل ذلك يقال له في الأقسام التي في السور الآتية... " (١)
" وإنا نحن الذين نسجل عليهم أعمالهم التي عملوها في الدنيا سواء أكانت هذه الأعمال صالحة أم غير صالحة.
ونسجل لهم - أيضا - آثارهم التي تركوها بعد موتهم سواء أكانت صالحة كعلم نافع، أو صدقة جارية... أم غير صالحة كدار للهو واللعب، وكرأى من الآراء الباطلة التي اتبعها من جاء بعدهم، وسنجازيهم على ذلك بما يستحقون من ثواب أو عقاب وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ أى : وكل شيء أثبتناه وبيناه في أصل عظيم، وفي كتاب واضح عندنا. ألا وهو اللوح المحفوظ، أو علمنا الذي لا يعزب عنه شيء.
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : وفي قوله : آثارَهُمْ قولان :
أحدهما : ونكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثروها - أى تركوها - منبعدهم، فنجزيهم على ذلك - أيضا -، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. كقوله - ﷺ - من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء..
والثاني : أن المراد بقوله وَآثارَهُمْ أى : آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية. فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَلَتِ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - ﷺ - فَقَالَ لَهُمْ: " إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ