بعد أن بين سبحانه أن العباد كلهم محضرون إليه يوم القيامة للحساب والجزاء على ما قدموا من عمل - أردف ذلك ما يدل على أن البعث ممكن وليس بمستحيل، وآية ذلك أن الأرض الميتة إذا نزل عليها المطر تحيا وتنبت من كل زوج بهيج، ثم ذكر أنه كان يجب عليهم شكران هذه النعم بعبادة خالقها وترك عبادة غيره مما لا يجديهم نفعا، ولا يدفع عنهم ضرا. (١)
وبعد أن استدل على إمكان البعث والنشور بأحوال الأرض وما يطرأ عليها من تغير مما هو دليل القدرة الشاملة - أردف ذلك ذكر أحوال الأزمنة من اختلاف الليل والنهار وجريان الشمس والقمر والأجرام السماوية، وهى مخلوقات عظيمة واقعة تحت قبضته، يتصرف فيها بعظيم سلطانه. (٢)
وبعد أن ذكر سبحانه على سبيل المنة على عباده أنه أحيا الأرض وهى مكان الحيوان - أردف ذلك ذكر نعمة أخرى على الإنسان، وهى أنه جعل له طريقا يتخذه في البحر ويسير فيه كما يسير في البر جلبا لأرزاقه وتحصيلا لأقواته من أقاصى البلاد فى أنحاء المعمورة. (٣)
والأرض الميتة التي لا نبات فيها ولا حركة، آية شاهدة ناطقة لهم على قدرة اللّه، وعلى أنه القادر على إحياء الخلائق بعد موتها، والأرض الميتة أحياها ربك بالنبات والخضرة، وأخرج منها حبا كالحنطة وغيرها، فمنه يأكلون ويعيشون، وجعل فيها جنات من نخيل وأعناب، وفجر فيها من العيون ليأكلوا بعد هذا من ثمره الذي تفضل به علينا، وليأكلوا مما عملته أيديهم من أصناف المأكولات الجافة والمحفوظة والطازجة مما نراه ونشاهده أفلا يشكرون اللّه ؟ ! سبحان اللّه! ما أعظم فضله وأجل نعمه! سبحانه وتعالى عما يشركون، تنزه سبحانه عما لا يليق به مما

(١) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٣ / ٦)
(٢) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٣ / ٩)
(٣) - تفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (٢٣ / ١٤)


الصفحة التالية
Icon