ويحتمل أن يعود الضمير إلى معلوم غير مذكور تقديره : من مثل ما ذكرنا من المخلوقات، مثل قوله تعالى هنا : لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ (١) وعلى هذا، الآية تشمل كل وسائل النقل الحديثة من سيارات وقطارات وطائرات. ونظير الآية قوله تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (٨) سورة النحل.
ودليل رحمته ولطفه تعالى حفظ الركاب في تلك الوسائط، فقال : وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ، فَلا صَرِيخَ لَهُمْ، وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ " أي أنه إذا كان من قدرة اللّه أن سخّر الفلك لتجرى فى البحر بأمره، فلا يغرق راكبوهم فإن من قدرته سبحانه أن يغرق هذه السفن، بمن فيها من أولاد وأموال، فلا يجدون من يسمع لهم صراخا، أو يستجيب لهم، أو يقدر على إنقاذهم إن سمع واستجاب.. فهم هلكى لا محالة، إلّا أن تتداركهم رحمة اللّه، وإلا أن تكون لهم بقية من أجل.."
فقوله تعالى :« إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ » استثناء من قوله تعالى :« فَلا صَرِيخَ لَهُمْ » أي لا ينقذهم منقذ أبدا إلا رحمة اللّه، وما لهم من أجل لم ينته بعد.."
إِلَّا هنا : استثناء منقطع، تقديره : ولكن برحمتنا نسيركم في البر والبحر، ونحفظكم من الغرق، ونسلمكم إلى أجل مسمى، ونمتعكم بالحياة الدنيا إلى وقت معلوم عند اللّه عز وجل، وهو الموت.
ومضات عامة
قال دروزة :" والآيات استمرار للسياق أيضا. وجملة وَآيَةٌ لَهُمُ موصلة بين الفصل الأول السابق للقصة وبين هذا الفصل كما هو المتبادر. وقد احتوت تنبيها إلى مشاهد كون اللّه ونواميسه ونعمه على خلقه، وتنديدا بالذين لا يشكرون ولا يرتدعون عن مواقف المكابرة.