٦٧... فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا... لا يتقدمون ولا يتأخرون
٦٨... وَمَن نُّعَمِّرْهُ... الذي نطيل عمره
٦٨... نُنَكِّسْهُ فِي الخُلْقِ... نرده إلى الضعف بعد القوة (١)
المناسبة :
بعد بيان حال المحسنين في الآخرة، أعقبه تعالى ببيان حال المجرمين في الدنيا والآخرة، ففي الآخرة يميزون عن المؤمنين، ويصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بسبب كفرهم واتباع وساوس الشيطان، وفي الدنيا لم يعاجلهم بالعقوبة رحمة منه، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم، أو يمسخ صورهم ويجعلهم كالقردة والخنازير، وأعطاهم الفرصة الكافية من العمر في الدنيا ليتمكنوا من النظر والاهتداء، قبل أن يضعفوا ويعجزوا عن البحث والإدراك، وذلك تحذير واضح لهم.
المعنى العام :
بعد أن ذكر ما للمحسنين من نعيم واجتماع بالمحبين والإخوان والأزواج في الجنات - أعقبه بذكر حال المجرمين وأنهم في ذلك اليوم يطلب منهم التفرق وابتعاد بعضهم من بعض، فيكون لهم عذابان : عذاب النار وعذاب الوحدة، ولا عذاب فوق هذا، ثم أردف هذا أنه قد كان لهم مندوحة من كل هذا بما أرسل إليهم من الرسل الذين بلغوهم أوامر ربهم ونواهيه، ومنها نهيهم عن اتباع خطوات الشيطان وعن اتباعه فيما يوسوس به، ثم ذكر أنه كان لهم فيمن قبلهم من العظات ما فيه مزدجر لهم لو تذكروا، لكنهم اتبعوا وساوسه، فحل بهم من النكال والوبال ما رأوا آثاره بأعينهم في الدنيا، وفيه دليل على ما سيكون لهم في العقبى، ثم ذكر مآل أمرهم وأنهم سيصلون نار جهنم خالدين فيها أبدا بما اكتسبت أيديهم، وهم في هذا اليوم لا ينطقون ببنت شفة، ولا تقبل منهم معذرة، بل تتكلم أيديهم بما عملت، وتشهد أرجلهم بما اكتسبت، ثم ذكر أنه رحمة منه بعباده لم يشأ أن يعاقبهم في الدنيا بشديد العقوبات، فلم يشأ أن يذهب أبصارهم حتى لو أرادوا