المطلب الخامس
التفسير من فروض الكفاية
هُنَاكَ مَرْتَبَةٌ تَعْلُو عَلَى هَذِهِ وَهِيَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، فلِلتَّفْسِيرِ مَرَاتِبُ أَدْنَاهَا : أَنْ يُبَيِّنَ بِالْإِجْمَالِ مَا يُشْرِبُ الْقَلْبَ عَظَمَةَ اللهِ وَتَنْزِيهَهُ، وَيَصْرِفُ النَّفْسَ عَنِ الشَّرِّ وَيَجْذِبُهَا إِلَى الْخَيْرِ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي قُلْنَا إِنَّهَا مُتَيَسِّرَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٥٤ : ١٧).
وهناك العديد من التفاسير المعاصرة التي اهتمت بهذا الجانب، مثل أيسر التفاسير لأسعد حومد، والتفسير الميسر عدد من أساتذة التفسير تحت إشراف الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، وجاء في مقدمته :
" والقرآن العظيم أُنزل هداية للخلق إلى السعادة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل : ٨٩] ودلالة على صدق رسولنا محمد - ﷺ - في رسالته ونبوته، وأن ما جاء به حق من عند ربه سبحانه وتعالى.
فالقرآن عصمة لكل مسلم، وبه نجاحه وفلاحه، وقيام دينه ودنياه، وسعادته في أولاه وأخراه، بتثبيت التوحيد وسائر أركان الإسلام في قلبه، وتزكية نفسه بأخلاق القرآن، وإعداده فردا صالحا في أمته.
فكل إنسان مفتقر إلى هدايته، وتطهير النفس به من أرجاس الشرك وأدران المعاصي، وتعاهد الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
وذلك بتلاوته، والعمل به، والاتعاظ بمواعظه: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر : ٢٣]