وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير وقتادة والسّدّي نحوه، وسمّوا الإنسان أبي بن خلف. وهذا هو الأصح كما قال أبو حيان، لما رواه ابن وهب عن مالك.
وبناء عليه، قال المفسّرون : إن أبي بن خلف الجمحي جاء إلى رسول اللّه ص بعظم حائل، ففتته بين يديه، وقال : يا محمد، يبعث اللّه هذا بعد ما أرمّ؟ فقال : نعم، يبعث اللّه هذا، ويميتك، ثم يحييك، ثم يدخلك نار جهنم، فنزلت هذه الآيات. (١)
وعلى أي حال، يقول علماء أصول الفقه : إن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، كما في قوله تعالى : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها [المجادلة ٥٨/ ١] نزلت في امرأة واحدة، وأراد الكل في الحكم، فكذلك كل إنسان ينكر اللّه أو الحشر، فهذه الآية ردّ عليه، فتكون الآية عامة.
المناسبة :
بعد بيان الأدلة الدّالة على قدرة اللّه عزّ وجلّ، ووجوب طاعته وعبادته، وبطلان الشرك به، ذكر تعالى شبهة منكري البعث، وأجاب عنها بأجوبة ثلاثة : هي أن الإعادة مثل البدء بل أهون، وقدرة اللّه على إيجاد النار من الشجر الأخضر، وخلق ما هو أعظم من الإنسان، وهو خلق السموات والأرض، وفي النهاية : فورية تكوين الأشياء بقول : كُنْ فَيَكُونُ.
المعنى العام :
بعد أن ذكر فيما سلف الدلائل على عظيم قدرته، ووجوب عبادته، وبطلان إشراكهم به، بعد أن عاينوا فيما بين أيديهم ما يوجب التوحيد والإقرار بالبعث - أردف ذلك ذكر حجة من أنفسهم دالة على قدرته تعالى ومبطلة لإنكارهم له، ثم ذكر أن بعض خلقه استبعدوا البعث ونسوا بدء أمرهم وكيف خلقوا، وقالوا :

(١) - الدر المنثور - (٨ / ٣١٩) وتفسير ابن أبي حاتم - (١٢ / ٧٥) وتفسير ابن كثير - (٦ / ٥٩٣) وتفسير الطبري - (٢٠ / ٥٥٣و٥٥٤) وتفسير اللباب في علوم الكتاب - (٦٠ / ٢٣٦)


الصفحة التالية
Icon