أَوْلِيَآءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ العذاب مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } ﴿ هود : ٢٠ ﴾. وقوله تعالى :﴿ الذين كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ﴾ [ الكهف : ١٠١ ] والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقد قدمنا أن هذا الطبع والختم على القلوب وكذلك الأغلال في الأعناق، والسدّ من بين أيديهم ومن خلفهم، أن جميع تلك الموانع المانعة من الإيمان، ووصول الخير إلى القلوب أن الله إنما جعلها عليهم بسبب مسارعتهم، لتكذيب الرسل، والتمادي على الكفر، فعاقبهم الله على ذلك، بطمس البصائر والختم على القلوب والطبع عليها، والغشاوة على الأبصار، لأن من شؤم السيئات أن الله جلّ وعلا يعاقب صاحبها عليها بتماديه على الشرّ، والحيلولة بينه وبين الخير وجزاه الله بذلك على كفره جزاء وفاقاً.
يفهم من مفهوم مخالفة ذلك، أن فعل الخير يؤدي إلى التمادي في فعل الخير، وهو كذلك كما قال تعالى :﴿ والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ ﴾ [ محمد : ١٧ ] وقوله تعالى :﴿ والذين جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ [ العنكبوت : ٦٩ ] وقوله تعالى :﴿ وَمَن يُؤْمِن بالله يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [ التغابن : ١١ ] إلى غير ذلك من الآيات.
واعلم : أن قول من قال من أهل العلم : إن معنى قوله تعالى في هذه الآية الكريمة ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا في أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً ﴾ أن المراد بذلك الأغلال، التي يعذبون بها في الأخرة كقوله تعالى :﴿ إِذِ الأغلال في أَعْنَاقِهِمْ والسلاسل يُسْحَبُونَ فِي الحميم ثُمَّ فِي النار يُسْجَرُونَ ﴾ [ غافر : ٧١٧٢ ] خلاف التحقيق، بل المراد بجعل الأغلال في أعناقهم وما ذكر معه في الآية هو صرفهم عن الإيمان والهدى في دار الدنيا كما أوضحنا" (١)
"ذكر جلّ وعلا في هذه الآية الكريمة أربعة أشياء.
الأول : أنه يحيي الموتى مؤكداً ذلك متكلماً عن نفسه بصيغة التعظيم.