﴿وَتِلْكَ ؟لاٌّمْثَـ؟لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
فإذا ما توجه الفكر في هذا العرض، وتنقل من موقف إلى موقف، وتأمل صنع الله وقدرته وآياته، نطق بتسبيحه، وعلم أنه سبحانه هو الله الذي لا إل؟ه إلا هو عالم الغيب والشهادة، علم ما سيكون عليه العالم قبل وجوده، فأوجده على مقتضى علمه به، وسيره على النحو الذي أوجده عليه، علم خذلان المنافقين لليهود قبل أن يحرضوهم، فكان كما علم سبحانه وحذر من مشابهتهم، وعلم أنه لو أنزل القرآن على جبل ماذا يكون حاله، فحث العباد بالأخذ به، ولعلمه هذا بالغيب والشهادة، كان حقاً هو الله وحده.
ثم مرة أخرى: ﴿هُوَ ؟للَّهُ ؟لَّذِى لاَ إِلَـ؟هَ إِلاَّ هُوَ ؟لْمَلِكُ ؟لْقُدُّوسُ ؟لسَّلَـ؟مُ ؟لْمُؤْمِنُ ؟لْمُهَيْمِنُ ؟لْعَزِيزُ ؟لْجَبَّارُ ؟لْمُتَكَبِّرُ﴾، برهان آخر في صور متعددة، وبراهين متنوعة على وحدانيته سبحانه الملك القدّوس، الملك المهيمن على ملكه القدّوس المسلم من كل نقص، المسيطر على ما في ملكه كله لا يعزب عنه مثقال ذرة. كما قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ ؟لَّذِى بِيَدِهِ ؟لْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى؟ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وهنا وقفة لتأمل اجتماع تلك الصفات معاً عالم الغيب والشهادة، والملك القدوس والسلام المهيمن، فنجدها مترابطة متلازمة لأن العالم إذا لم يملك التصرف ولم يهيمن على شيء فلا فعالية لعلمه.
والملك الذي لا يعلم ولم يتقدس عن النقص لا هيمنة له على ملكه.
فإذا اجتمع كل ذلك وتلك الصفات: العلم والملك والتقديس والهيمنة، حصل الكمال والجلال، ولا يكون ذلك إلا لله وحده العزيز الجبار المتكبر، ولا يشركه أحد في شيء من ذلك سبحانه وتعالى عما يشركون، هو الله الخالق البارىء المصور له الأسماء الحسنى.
وهنا، في نهاية هذا السياق يقف المؤمن وقفة إجلال وتعظيم لله.
فالخالق هو المقدر قبل الإيجاد.