وكذلك ما جاء عن النملة في قوله تعالى؟ عنها: ﴿حَتَّى؟ إِذَآ أَتَوْا عَلَى؟ وَادِى ؟لنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ ي؟أَيُّهَا ؟لنَّمْلُ ؟دْخُلُواْ مَسَـ؟كِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـ؟نُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ فقد أدركت مجيء الجيش، وأنه لسليمان وجنوده وأدركت كثرتهم، وأن عليها وعلى النمل أن يتجنبوا الطريق، ويدخلوا مساكنهم، وهذا الإدراك منها جعل سليمان عليه السلام يتبسم ضاحكاً من قولها. وأن لها قولاً علمه سليمان عليه السلام. فقد جاء في السنة إثبات إدراك الحيوانات للمغيبات فضلاً عن المشاهدات، كما في حديث الموطأ في فضل يوم الجمعة: "وإن فيه خلق آدم، وفيه أسكن الجنة" إلى قوله ﷺ "وفيه تقوم الساعة، وما من دابة في الأرض إلا وهي تصيخ بأذنها من فجر يوم الجمعة حتى طلوع الشمس إشفاقاً من الساعة إلا الجن والإنس"، فهذا إدراك وإشفاق من الحيوان، وإيمان بالمغيب، وهو قيام الساعة وإشفاق من الساعة أشد من الإنسان.
وقصة الجمل الذي ندّ على أهله وخضع له ﷺ حتى قال الصديق: لكأنه يعلم إنك رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم إنه ما بين لابتيها إلا وهو يعلم أني رسول الله".
فهذا كله يثبت إدراكاً للحيوان بالمحسوس وبالمغيب إدراكاً لا يقل عن إدراك الإنسان، فما المانع من إثبات تسبيحها حقيقة على ما يعلمه الله تعالى منها؟ وقد جاء النص صريحاً في التسبيح المثبت لها في أنه تسبيح تحميد لا مطلق دلالة كما في قوله تعالى؟: ﴿وَيُسَبِّحُ ؟لرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾، وقرنه مع تسبيح الملائكة، ﴿وَ؟لْمَلْـ؟ئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ﴾، وهذا نص في محل النزاع، وإثبات لنوع التسبيح المطلوب.