أما معنى الآية، فإن سياق القرآن يدل على أن مثل هذا السياق ليس من باب الصفات كما في قوله تعالى؟: ﴿فَأَتَى ؟للَّهُ بُنْيَـ؟نَهُمْ مِّنَ ؟لْقَوَاعِدِ﴾، أي هدمه واقتلعه من قواعده، ونظيره: ﴿أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا﴾. وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى ؟لاٌّرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾، وقوله ﴿أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى ؟لاٌّرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ﴾.
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في العدوى: أني قلت أتيت أي دهيت، وتغير عليك حسك فتوهمت ما ليس بصحيح صحيحاً.
ويقال: أُتي فلان بضم الهمزة وكسر التاء إذا أظل عليه العدو، ومنه قولهم: "من مأمنه يؤتي الحذر"، فيكون قوله تعالى؟: ﴿فَأَتَـ؟هُمُ ؟للَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ﴾ أخذهم ودهاهم وباغتهم من حيث لم يحتسبوا من قتل كعب بن الأشرف وحصارهم، وقذف الرعب في قلوبهم.
وهناك موقف آخر في سورة البقرة يؤيد ما ذكرناه هنا، وهو قوله تعالى؟: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ؟لْكِتَـ؟بِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمَـ؟نِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ؟لْحَقُّ فَ؟عْفُواْ وَ؟صْفَحُواْ حَتَّى؟ يَأْتِىَ ؟للَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ ؟للَّهَ عَلَى؟ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾. فقوله تعالى؟: ﴿فَ؟عْفُواْ وَ؟صْفَحُواْ حَتَّى؟ يَأْتِىَ ؟للَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ وهو في سياق أهل الكتاب، وهم بذاتهم الذين قال فيهم: ﴿فَأَتَـ؟هُمُ﴾ فيكون، فأتاهم الله هنا هو إتيان أمره تعالى الموعود في بادىء الأمر عند الأمر بالعفو والصفح.
وقد أورد الشيخ رحمه الله عند قوله تعالى؟: ﴿فَ؟عْفُواْ وَ؟صْفَحُواْ حَتَّى؟ يَأْتِىَ ؟للَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ أن هذه الآية في أهل الكتاب كما هو واضح من السياق، وقال: والأمر في قوله: ﴿بِأَمْرِهِ﴾، قال بعض العلماء: هو واحد الأوامر، وقال بعضهم: هو واحد الأمور.


الصفحة التالية
Icon