وفي الآية مبحث أصولي مبني على أن المشاقة قد وقعت من غير اليهود، فلم تقع بهم تلك العقوبة كما وقع من المشركين المنصوص عليها في قوله تعالى؟: ﴿إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى ؟لْمَلَـ؟ئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ؟لَّذِينَ ءَامَنُواْ سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ؟لَّذِينَ كَفَرُواْ ؟لرُّعْبَ فَ؟ضْرِبُواْ فَوْقَ ؟لأَعْنَـ؟قِ وَ؟ضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾، وهذا في بدر قطعاً، ثم قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ؟للَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَآقِّ ؟للَّهَ فَإِنَّ ؟للَّهَ شَدِيدُ ؟لْعِقَابِ﴾، ولما قدر ﷺ على أهل مكة لم يوقع بهم ما أوقع باليهود من قتل، بل قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فوجد الوصف الذي هو المشاقة الذي هو علة الحكم، ولم يوجد الحكم الذي هو الإخراج من الديار وتخريب البيوت.
قال الفخر الرازي: فإن قيل: لو كانت المشاقة علة لهذا التخريب لوجب أن يقال: أينما حصلت هذه المشاقة حصل التخريب، ومعلوم أنه ليس كذلك: قلنا: هذا أحد ما يدل على أن تخصيص العلة المنصوصة لا يقدح في صحتها ا هـ.
وقد بحث الشيخ رحمه الله هذه المسألة في آداب البحث والمناظرة، وفي مذكرة الأصول في مبحث النقض، وعنون له في آداب البحث بقوله: تخلف الحكم ليس بنقض سواء لوجود مانع أو تخلف شرط.
ومثل لتخلف الحكم بوجود مانع بقتل الوالد ولده عمداً، مع عدم قتله قصاصاً به، لأن علة القصاص موجودة، وهي القتل العمد، والحكم وهو القصاص متخلف.
ومثل لتخلف الشرط بسرقة أقل من نصاب أو من غير الحرز.


الصفحة التالية
Icon