والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم. أن الإذن المذكور في الآية، هو إذن شرعي، وهو ما يؤخذ من عموم الإذن في قوله تعالى؟: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَـ؟تَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ؟للَّهَ عَلَى؟ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾، لأن الإذن بالقتال إذن بكل ما يتطلبه بناء على قاعدة الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به.
والحصار نوع من القتال، ولعل من مصلحة الحصار قطع بعض النخيل لتمام الرؤية، أو لإحكام الحصار، أو لإذلال وإرهاب العدو في حصاره وإشعاره بعجزه عن حماية أمواله وممتلكاته، وقد يكون فيه إثارة له ليندفع في حمية للدفاع عن ممتلكاته وأمواله، فينكشف عن حصونه ويسهل القضاء عليه، إلى غير ذلك من الأغراض الحربية، والتي أشار الله تعالى إليها في قوله: ﴿وَلِيُخْزِىَ ؟لْفَـ؟سِقِينَ﴾ أي بعجزهم وإذلالهم وحسرتهم، وهم يرون نخيلهم يقطع ويحرق فلا يملكون له دفعاً. وعلى كل فالذي أذن بالقتال وهو سفك الدماء وإزهاق الأنفس وما يترتب عليه من سبي وغنائم لا يمنع في مثل قطع النخيل إن لزم الأمر، ويمكن أن يقال: إن ما أذن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبإذن الله أذن.
وبهذا يمكن أن يقال: إذا حاصر المسلمون عدواً، ورأوا أن من مصلحتهم أو من مذلة العدو إتلاف منشآته وأمواله، فلا مانع من ذلك. والله تعالى أعلم.
وغاية ما فيه، أنه إتلاف بعض المال للتغلب على العدو وأخذ جميع ماله، وهذا له نظير في الشرع، كعمل الخضر في سفينة المساكين لما خرقها، أي أعابها بإتلاف بعضها ليستخلصها من اغتصاب الملك إياها، وقال: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِى﴾.


الصفحة التالية
Icon