وقد جاء اعتراض المشركين على المسلمين في قتالهم في الأشهر الحرم، كما اعترض اليهود على المسلمين في قطع النخيل، وذلك في قوله تعالى؟: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ ؟لشَّهْرِ ؟لْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ؟للَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَ؟لْمَسْجِدِ ؟لْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ؟للَّهِ وَ؟لْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ؟لْقَتْلِ﴾.
فقد تعاظم المشركون قتل المسلمين لبعض المشركين في وقعة نخلة، ولم يتحققوا دخول الشهر الحرام، واتهموهم باعتداء على حرمة الأشهر الحرم، فأجابهم الله تعالى بموجب ما قالوا بأن القتال في الشهر الحرام كبير، ولكن ما ارتكبه المشركون من صد عن سبيل الله وكفر بالله، وصد عن المسجد الحرام وإخراج أهله منه ـ وهم المسلمون ـ أكبر عند الله، والفتنة عن الدين وأكبر من القتل، أي الذي استنكروه من المسلمين.
وهكذا هنا، لئن تعاظم اليهود على المسلمين قطع بعض النخيل، وعابوا على المسلمين إيقاع الفساد بإتلاف بعض المال، فكيف بهم بغدرهم وخيانتهم نقضهم العهود، وتمالئهم على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد سجل هذا المعنى كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل ابن الأشرف: لقد خزيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدور
وذلك أنهم كفروا برب عظيم أمره أمر كبير
وقد أوتوا معاً فهماً وعلما وجاءهم من الله النذير
إلى أن قال: فلما أشربوا غدراً وكفرا وجذبهم عن الحق الثغور
أرى الله النَّبي برأي صدق وكان الله يحكم لا يجور
فأيده وسلطه عليهم وكان نصيره نعم النصير