ثانياً: ما كان متردداً بين الجبلة والتشريع كوقوفه ﷺ بعرفة راكباً على ناقته، ونزوله بالمحصب منصرفه من منى. فالوقوف الذي هو ركن الحج يتم بالتواجد في الموقف بعرفة على أية حالة، فهل كان وقوفه ﷺ راكباً من تمام نسكه. أم أنه ﷺ فعله دون قصد إلى النسك؟ خلاف بين الأصوليين. ولا يبعد من يقول: قد يكون فعله ﷺ هذا ليكون أبرز لشخصه في مثل هذا الجمع، تسهيلاً على من أراده لسؤال أو رؤية أو حاجة. فيكون تشريعاً لمن يكون في منزلته في المسؤولية. ثالثاً: ما ثبتت خصوصيته به مثل جواز جمعه بين أكثر من أربع نسوة بالنكاح لقوله تعالى؟: ﴿ي؟أَيُّهَا ؟لنَّبِىُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَ؟جَكَ﴾، وكن أكثر من أربع، ونكاح الواهبة نفسها لقوله تعالى؟: ﴿خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ؟لْمُؤْمِنِينَ﴾ فهذا لا شركة لأحد معه فيه.
رابعاً: ما كان بياناً لنص قرآني، كقطعه ﷺ يد السارق من الكوع بياناً لقوله تعالى؟ ﴿وَ؟لسَّارِقُ وَ؟لسَّارِقَةُ فَ؟قْطَعُو؟اْ أَيْدِيَهُمَا﴾. وكأعمال الحج والصلاة، فهما بيان لقوله تعالى؟ ﴿وَأَقِيمُواْ ؟لصَّلو؟ةَ﴾، وقوله: ﴿وَللَّهِ عَلَى ؟لنَّاسِ حِجُّ ؟لْبَيْتِ مَنِ ؟سْتَطَـ؟عَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقال: "خذوا عني مناسككم"، فهذا القسم حكمه للأمة، حكم المبين بالفتح، ففي الوجوب واجب، وفي غيره بحسبه.
خامساً: ما فعله ﷺ لا لجبلة ولا لبيان، ولم تثبت خصوصيته له، فهذا على قسمين: أحدهما أن يعلم حكمه بالنسبة إلى الرسول ﷺ من وجوب أو ندب أو إباحة، فيكون حكمه للأمة كذلك، كصلاته ﷺ في الكعبة، وقد علمنا أنها في حقه ﷺ جائزة، فهي للأمة على الجواز.


الصفحة التالية
Icon