أما الزمخشري والفخر الرازي، فقد أدخلا في هذا المعنى مبحثاً كلامياً حيث قالا في معنى ﴿نَسُواْ ؟للَّهَ﴾ كما قال الجمهور، أما في معنى ﴿فَأَنسَـ؟هُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ فذكرا وجهين. الأول: كالجمهور، والثاني: بمعنى، أراهم يوم القيامة من الأهوال ما نسوا فيه أنفسهم كقوله تعالى؟: ﴿لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ﴾، وقوله: ﴿وَتَرَى ؟لنَّاسَ سُكَـ؟رَى؟ وَمَا هُم بِسُكَـ؟رَى؟ وَلَـ؟كِنَّ عَذَابَ ؟للَّهِ شَدِيدٌ﴾ ا هـ.
وهذا الوجه الثاني لا يسلم لهما، لأن ما ذهبا إليه عام في جميع الخلائق يوم القيامة، وليس خاصاً بمن نسي الله كما قال تعالى في نفس الآية التي استدلا بها ﴿وَتَرَى ؟لنَّاسَ سُكَـ؟رَى؟﴾، فهو عام في جميع الناس.
وقوله: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ﴾. والذهول أخو النسيان، وهو هنا عام في كل مرضعة ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾ وهو أيضاً عام، وذلك من شدة الهول يوم القيامة، ولعل الحامل لهما على إيراد هذا الوجه مع بيان ضعفه، هو فرارهم من نسبة الإنساء إلى الله، وفيه شبهة اعتزال كما لا يخفى.
ولوجود إسناد الإنساء إلى الشيطان في بعض المواضع كما في قصة صاحب موسى: ﴿وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ؟لشَّيْطَـ؟نُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾، وكما في قوله تعالى؟: ﴿وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ؟لشَّيْطَـ؟نُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ؟لذِّكْرَى؟ مَعَ ؟لْقَوْمِ ؟لظَّـ؟لِمِينَ﴾، وقوله: عن صاحب يوسف: ﴿فَأَنْسَاهُ ؟لشَّيْطَـ؟نُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾.


الصفحة التالية
Icon