ولكن الصحيح عند علماء السلف أن حقيقة النسيان والإنساء والتذكير والتذكر كحقيقة أي معنى من المعاني، وأنها كلها من الله ﴿قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ؟للَّهِ﴾، ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ؟للَّهُ لَنَا﴾ فما نسب إلى الشيطان فهو بتسليط من الله كما في قوله تعالى؟: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ؟لْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾، ثم قال: ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ؟للَّهِ﴾ فيكون إسناد الإنساء إلى الشيطان من باب قول الخليل عليه السلام ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾ تأدباً في الخطاب مع الله تعالى، ولكن هذا المقام مقام إخبار من الله عما أوقعه بهؤلاء الذين نسوا ما أمرهم به فأنساهم،
فأوقع عليهم النسيان لأنفسهم مجازاة لهم على أعمالهم، فكان نسبته إلى الله وبإخبار من الله عين الحق وهو أقوى من أسلوب المقابلة: نسوا الله فنسيهم.
تنبيهان
الأول: جاء في مثل هذا السياق سواء بسواء قوله تعالى؟: ﴿وَقِيلَ ؟لْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـ؟ذَا﴾.
وقوله: ﴿فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـ؟ذَآ إِنَّا نَسِينَـ؟كُمْ﴾.
وقوله: ﴿نَسُواْ ؟للَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، وفي هذا نسبة النسيان إلى الله تعالى فوقع الإشكال مع قوله تعالى؟: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ وقوله: ﴿لاَّ يَضِلُّ رَبِّى وَلاَ يَنسَى﴾.
وقد أجاب الشيخ ـ رحمة الله عليه ـ عن ذلك في دفع إيهام الاضطراب، بأن النسيان المثبت بمعنى الترك كما تقدم، والمنفي عنه تعالى: هو الذي بمعنى السهو، لأنه محال على الله تعالى.
التنبيه الثاني