قوله تعالى؟: ﴿لاَ يَسْتَوِى؟ أَصْحَـ؟بُ ؟لنَّارِ وَأَصْحَـ؟بُ ؟لْجَنَّةِ أَصْحَـ؟بُ ؟لْجَنَّةِ هُمُ ؟لْفَآئِزُونَ﴾. دلت هذه الآية الكريمة على عدم استواء الفريقين: أصحاب النار وأصحاب الجنة. وهذا أمر معلوم بداهة، ولكن جاء التنبية عليه لشدة غفلة الناس عنه، ولظهور أعمال منهم تغاير هذه القضية البديهية، كمن يسيء إلى أبيه فتقول له: إنه أبوك، قاله بعض المفسرين.
وهذا في أسلوب البيان يراد به لازم الخبر. أي يلزم من ذلك التنبيه أن يعملوا ما يبعدهم عن النار ويجعلهم من أصحاب الجنة، لينالوا الفوز.
وهذا البيان قد جاءت نظائره عديدة في القرآن كقوله تعالى؟: ﴿أَمْ نَجْعَلُ ؟لَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ؟لصَّـ؟لِحَـ؟تِ كَ؟لْمُفْسِدِينَ فِى ؟لاٌّرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ؟لْمُتَّقِينَ كَ؟لْفُجَّارِ﴾ وكقوله: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ﴾ أي في الحكم عند الله، ولا في الواقع في الحياة أو في الآخرة، كما قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ ؟لَّذِينَ ؟جْتَرَحُواْ ؟لسَّيِّئَـ؟تِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَ؟لَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ؟لصَّـ؟لِحَـ؟تِ سَوَآءً مَّحْيَـ؟هُمْ وَمَمَـ؟تُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾، وهنا كذلك ﴿لاَ يَسْتَوِى؟ أَصْحَـ؟بُ ؟لنَّارِ وَأَصْحَـ؟بُ ؟لْجَنَّةِ﴾ في المرتبة والمنزلة والمصير.
قال أبو حيان: هذا بيان مقابلة الفريقين أصحاب النار في الجحيم، وأصحاب الجنة في النعيم، والآية عند جمهور المفسرين في بيان المقارنة بين الفريقين، وهو ظاهر السياق بدليل ما فيها من قوله: ﴿أَصْحَـ؟بُ ؟لْجَنَّةِ هُمُ ؟لْفَآئِزُونَ﴾، فهذا حكم على أحد الفريقين بالفوز، ومفهومه الحكم على الفريق الثاني بالهلاك والخسران، ويشهد له أيضاً ما قبلها ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَ؟لَّذِينَ نَسُواْ ؟للَّهَ﴾ أي من هذا الفريق فأنساهم أنفسهم، فصاروا أصحاب النار على ما سيأتي بيانه إن شاء الله.


الصفحة التالية
Icon