فإذا كان الجبل في غلظته وقساوته لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه لخشع وتصدع من خوف الله عز وجل.
فكيف يليق بكم أيها البشر ألا تلين قلوبكم وتخشع وتتصدع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وقد تدبرتم كتابه، ولهذا قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ ؟لاٌّمْثَـ؟لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وقد وجد لبعض الناس شيئاً من ذلك عن سماع آيات من القرآن، من ذلك ما رواه ابن كثير في سورة الطور عن عمر رضي الله عنه قال: خرج عمر رضي الله عنه يعس بالمدينة ذات ليلة فمر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائماً يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ والطور حتى بلغ إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع. قال: قسم ورب الكعبة حق، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث ملياً ثم رجع إلى منزله فمكث شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.
وذكر القرطبي: قال جبير بن مطعم قدمت المدينة لأسأل رسول الله ﷺ في أسارى بدر فوافيته يقرأ في صلاة المغرب والطور إلى قوله تعالى؟: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌمَّا لَهُ مِن دَافِعٍ﴾، فكأنما صدع قلبي فأسلمت خوفاً من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب. وذكر في خبر مالك بن دينار أنه سمعها فجعل يضطرب حتى غشي عليه:
وقد نقل السيوطي في الإتقان خبر مالك بن دينار بتمامه في فصل إعجاز القرآن.