قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاتَّقُواْ يَوْماً ﴾ ؛ معناه : واخْشَوا يوماً ؛ أي عذابَ يومٍ، ﴿ لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً ﴾ ؛ أي لا تكفي ولا تُغني. وفيه إضمارٌ ؛ تقديره : واتَّقوا يوماً لا تَجزي فيه نفسٌ عن نفسٍ شيئاً من الشدائدِ والْمَكَارهِ. وقيل : معناهُ : لا تُغني نفسٌ مؤمنة ولا كافرةٌ عن نفسٍ كافرة شيئاً.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ﴾ ؛ لأنَّها كافرةٌ، وكانت اليهودُ تزعم أنَّ آباءَهم الأنبياءُ ؛ كإبراهيم وإسحق ويعقوب يشفعون لَهم ؛ فآيَسَهم اللهُ تعالى بهذه الآية. وقرأ أهلُ مكة والبصرة (تُقْبَلُ) بتاء التأنيث (الشَّفَاعَةُ). وقرأ الباقون بالياء بتقديمِ الفعل ؛ أو لأنَّ تأنيثَه غيرُ حقيقي. وقرأ قتادةُ :(لاَ يَقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةَ) بياء مفتوحةٍ، ونصبَ الـ(شَّفَاعَةَ) يعني لا يقبلُ الله.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ﴾ ؛ أي فداءٌ كما كانوا يأخذون في الدُّنيا. وسُمِّيَ الفداءُ عَدْلاً ؛ لأنه يساوي المفدى ويُماثله، قال اللهُ تعالى :﴿ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً ﴾[المائدة : ٩٥] والفرقُ بين العِدل والعَدل : أن العِدل بكسر العين : مثلُ الشيء من جنسه، وبفتحها بَدَلُهُ ؛ قد يكون من جنسه أو من غيرِ جنسه، مثل قوله :﴿ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذلِكَ صِيَاماً ﴾[المائدة : ٩٥]. وقولهِ ﴿ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ ؛ أي لا يُمنعون من عذاب الله.


الصفحة التالية
Icon