قولهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ ؛ أي أرشِدنا الطريقَ القائمَ الذي ترضاهُ ؛ وهو الإسلامُ. وهذا دعاءٌ ؛ ومِثْلُهُ بلفظِ الأمرِ ؛ لأن الأمرَ لِمن دونكَ ؛ والمسألةَ لِمن فوقِكَ.
فإن قِيْلَ : ما معنى قولِكم : اهْدِنَا! وأنتم مهتَدُونَ ؟ قِيْلَ : هذا سؤالٌ في مستقبلِ الزَّمان عند دعوةِ الشَّيطان. وَقِيْلَ : معناه : ثَبتْنَا على الطَّريقِ المستقيمِ ؛ لا تُقَلِّبْ قلُوبَنا بمعصيَتِنا. ونظيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى في قصَّة إبراهيمَ عليه السلام :﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[البقرة : ١٣١] أي أُثْبُتْ على الإسْلامِ.
وفي ﴿ الصِّرَاطَ ﴾ أربعُ لغاتٍ : صِراط بالصَّاد ؛ وسِراط بالسِّين، وبالزاي الخالصَةِ، وبإشْمَام الصَّاد والزَّاي، وكلُّ ذلك قد قُرِئَ به ؛ فبالسِّين قراءة قُنْبُلٍ، وبإشْمَامِ الزَّاي قراءةُ خَلَفٍ ؛ وقرأ الباقون بالصاد الصَّافيةِ.


الصفحة التالية
Icon