قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴾ ؛ أي بالعدل والصَّواب، وقال ابنُ عبَّاس :(لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ)، وقال الضَّحاكُ :(بالتَّوْحِيْدِ). ﴿ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ ؛ قال مجاهدُ والسُّدِّيُّ :(أيْ تَوَجَّهُوا إلَى الْقِبْلَةِ فِي الصَّلاَةِ أدَاءً عِنْدَ كُلَّ مَسْجِدٍ)، وقال الكلبيُّ :(مَعْنَاهُ : إذا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَأنْتُمْ فِي مَسْجِدٍ، فَصَلُّوا فِيْهِ وَلاَ يَقُولَنَّ أحَدُكمْ : أُصَلِّي فِي مَسْجِدِي، وَإذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَلْيَأْتِ أيَّ مَسْجِدٍ شَاءَ، وَلْيُصَلِّ فِيْهِ).
وهذه الآية تدلُّ على وُجُوب فعلِ الصَّلاةِ المكتوبة في الجماعةِ، وقد رُويَ عن رسولِ اللهِ ﷺ أنهُ قَالَ :" مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلاَ صَلاَةَ لَهُ " وقال ﷺ :" لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّي بالنَّاسِ، ثُمَّ أنْظُرُ إلَى قَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجَمَاعَاتِ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ "
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾، أي مُخْلِصِيْنَ لهُ الطاعةَ والعبادةَ، قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ ؛ أي خَلَقَكُمْ حين خَلَقَكُمْ مؤمناً وكافراً ؛ وشَقِيّاً وسَعِيداً، فكما خلقَكم فكذلك تعودون إليه يومَ القيامةِ، ﴿ فَرِيقاً هَدَى ﴾ ؛ وهم المؤمنونَ، ﴿ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ ﴾ ؛ وهم أهلُ الكفرِ، وهذا قولُ ابنِ عبَّاس، كما قالَ تعالى :﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ ﴾[التغابن : ٢] ثم يعيدُهم يومَ القيامةِ كما بدأ خَلْقَهُمْ مؤمناً وكافراً، فَيَبْعَثُ المؤمنَ مؤمناً ؛ والكافرَ كافراً.
وقال الحسنُ ومجاهدُ :(مَعْنَاهُ : كَمَا بَدَأْكُمْ فَخَلَقَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَم تَكُونُوا شَيْئاً، كَذلِكَ تَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أحْيَاءً).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي إنَّ أهْلَ الضَّلالةِ اتَّخذُوا الشياطينَ أولياءَ بطاعتِهم فيما دَعَوهُم إليه، ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ ؛ أي يَظُنُّونَ أنَّهم على الْهُدَى.


الصفحة التالية
Icon