قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ ﴾ ؛ اختلفَ الناسُ في المرادِ بهذه الآيةِ، قال بعضُهم : أرادَ بذلك أنَّ الناسَ كانوا أُمَّةً واحدةً في وقتِ آدمَ عليه السلام، ثم اختلَفُوا بأنْ كَفَّرَ بعضُهم بعضاً، وأوَّلُ مَن اختلفَ قابيلُ وهابيل. ويقال : أرادَ به الناسَ كلَّهم وُلِدُوا على الفطرةِ، ثم اختلَفُوا بأنْ غيَّر بعضُهم الفطرةَ ولم يغِّيرْ بعضهم، بل ثبتَ عليها.
وقال بعضهم : أرادَ بذلك أنَّهم كانوا أُمة واحدةً على عهدِ إبراهيم ونوحٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ كلُّهم كانوا كافِرين، فتفرَّقوا بين مؤمنٍ وكافر. ويقال : أرادَ بالناسِ ههنا العربَ، كانوا على الشِّركِ قبلَ مبعثِ النبيِّ ﷺ ثم اختلَفُوا بعدَهُ، فآمَنَ وكفرَ بعضُهم. فالقولُ الأوَّلُ أقربُ إلى ظاهرِ الآية.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ ؛ لو كان لكم من اللهِ سبقٌ ببقاءِ التكليف على الناسِ أي وقت معلوم سواءٌ أطاعوهُ أو عصَوهُ لِمَا عَلِمَ من المصلحةِ لهم ولغيرِهم في ذلك، لعجَّلَ لهم العذابَ عند العصيانِ، فاضطرَّهم إلى معرفةِ الحقِّ فيما اختلفوا فيه. وقرأ عيسَى بن عُمر (لَقَضَى بَيْنَهُمْ) بالفتحِ.