﴿ طه ﴾ ؛ قرأ أبو عمرٍو ووَرْشٌ بفتحِ الطَّاء وكسرِ الْهَاء، وقرأ حمزةُ والكسائي وخَلَفٌ بكسرِ الطَّاء والْهَاء، وقرأ الباقون بالتفخيمِ فيهما. واختلفوا في معناهُ، فقالَ أكثرُ المفسِّرين : إنَّ معناهُ : يا رَجُلُ ؛ يعني النبيَّ ﷺ وهو قولُ ابن عبَّاس والحسن وعكرمة وابنِ جُبير والضحَّاك وقتادة ومجاهد، إلاّ عكرمةَ قال :(هُوَ بلِسَانِ الْحَبَشَةِ)، وقال قتادةُ :(إنَّمَا يَقُولُ هَذِهِ اللُّغَةَ أهْلُ السِّرْيَانِيَّةِ).
وروَى السُّدِّيُّ عن أبي مَلَكٍ معنى قولهِ طه :(يَا فُلاَنُ)، قال الكلبيُّ :(بلُغَةِ عَكَّ : يَا رَجُلُ)، قال ابنُ الأنباريِّ :(وَلُغَةُ قُرَيْشٍ وَافَقَتْ تِلْكَ اللُّغَةَ أيْضاً فِي هَذا الْمَعْنَى ؛ لأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يُخَاطِبْ نَبيَّهُ إلاَّ بلِسَانِ قُرَيْشٍ. قَالَ : الشَّاعِرُ : إنَّ السَّفَاهَةَ طَه فِي خَلاَئِقَكُمْ لاَ قَدَّسَ اللهُ أرْوَاحَ الْمَلاَعِيْنيريدُ : يا رجلُ، وقال آخرُ : هَتَفْتُ بطَهَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ فَخِفْتُ عَلَيْهِ أنْ يَكُونَ مُوَائِلاَوقُرئ (طَهْ) بتسكينِ الْهَاء، ولهُ معانٍ ؛ أحدُها : أن تكون الْهَاءُ بدلاً من همزةِ الطَّاء كقولِهم في : أرْقْتُ هَرَقْتُ. والآخرانِ : أن يكون على تركِ الهمزة طَا يا رجلُ بقدمِكَ الأرضَ، ثم يدخلُ الْهاءُ للوقفِ، فإنه رُويَ :" أنَّ النبيَّ ﷺ كَانَ يَجْتَهِدُ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ بمَكَّةَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَكَانَ إذا صَلَّى رَفَعَ رجْلاً وَوَضَعَ أُخْرَى ". فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى (طَهَ) أيْ طَأ الأَرْضَ بقَدَمِكَ.
وقال بعضُهم : أولُ السُّورة قَسَمٌ ؛ أقْسَمَ اللهُ بطولهِ وهدايته. وقال بعضُهم : الطاءُ من الطَّهارةِ، والْهاءُ من الهدايةِ، كأنهُ تعالى قالَ لنبيِّه ﷺ : يَا طَاهِراً مِنَ الذُّنُوب، وَيَا هَادِياً إلَى عَلاَّمِ الْغُيُوب.