قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ﴾ ؛ أي جبريل عليه السلام ذو قوَّةٍ وشدَّةٍ في خَلقهِ. وَقِيْلَ : ذُو مَنظَرٍ حسَنٍ، قال قطرب :(يَقُولُ الْعَرَبُ لِكُلِّ جَزِلِ الرَّأيِ حَصِيفِ الْعَقْلِ : ذُو مِرَّةٍ). قال الشاعرُ : قَدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقَائِكُمْ ذا مِرَّةٍ عِنْدِي لِكُلِّ مُخَاصِمٍ مِيزَانُهُوكان من جَزَالَةِ رأيه وحصافة عقلهِ إنَّ اللهَ تعالى ائتمنَهُ على تبليغِ وَحيهِ إلى جميعِ رُسلهِ.
وقولهُ تعالى :﴿ فَاسْتَوَى ﴾ يعني جبريلَ، وَقِيْلَ : المعنى :﴿ ذُو مِرَّةٍ ﴾ أي ذُو مُرورٍ في الجوِّ مُنحَدرٍ أو صاعدٍ على السُّرعة. وقولهُ تعالى :﴿ فَاسْتَوَى ﴾ أي فانتصبَ وَاقعاً على صورةِ الملائكةِ التي خلقَهُ اللهُ عليها، فرآهُ النبيُّ ﷺ مُنتَصباً في السَّماء بعدَ أن كان مُسرِعاً، فاستوَى في أفُقِ المشرقِ في رَأيِ العينِ، كما رُوي في الحديثِ :" أنَّهُ طَبَقَ الأُفُقَ كُلَّهُ بكَلْكَلِهِ، لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ فِيهَا ألْوَانٌ زَاهِرَةٌ، وَتَتَنَافَرُ مِنْهُ الدُّرَرُ " وذلك قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى ﴾ ؛ يعني جانبَ المشرقِ وهو فوق جانب المغرب.


الصفحة التالية
Icon